اسرار الكتاب المقدس :الحكم الألفي ومملكة المسيح


  
لقد وعد الله في كتابه المقدس على لسان انبياء العهد القديم وعلى لسان يسوع المسيح له المجد بانه سيقيم مملكة عادلةً للبشرية جمعاء يعيش الناس وكل المخلوقات في الأرض كلهم بسلام دون ظلم او اضطهاد او جور ، وهذه المملكة هي حلم الأنبياء والقديسين على مر العصور وتمنى كل نبي ورسول وقديس ان يكون له نصيب في اقامة هذه المملكة الحلم ، ولكن الآب قضى ان يكون صاحب هذا الشرف العظيم من نصيب المخلص الإلهي والمسيح المرتقب ان يعود الى الأرض فيقيم وعد الآب لكل الساكنين على الأرض في الزمان الأخير، فقد جاء في العهد القديم في سفر اشعياء هذا النص : (  ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من اصوله  ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب. ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينه ولا يحكم بحسب سمع اذنيه ، بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الارض ويضرب الارض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه. ويكون البر منطقة متنيه والامانة منطقة حقويه  فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معا وصبي صغير يسوقها. والبقرة والدبة ترعيان تربض اولادهما معا والاسد كالبقر يأكل تبنا. ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على حجر الافعوان. لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لان الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر ) .
ولكن كم عمر هذه المملكة العادلة ؟؟... وكم من السنين والأعوام سيملك المسيح له المجد على الأرض مع تلامذته المختارين ؟ ...تحدثنا نصوص الكتاب المقدس ان المسيح سيملك الف سنة على الأرض مع رسله المختارين ، حيث ورد في سفر الرؤيا هذا المعنى على لسان يوحنا القديس : (ورأيت عروشا فجلسوا عليها واعطوا حكما ورأيت نفوس الذين قتلوا من اجل شهادة يسوع ومن اجل كلمة الله والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته ولم يقبلوا السمة على جباههم وعلى ايديهم فعاشوا وملكوا مع المسيح الف سنة. ) وقال ايضاً (مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الاولى هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم بل سيكونون كهنة لله والمسيح وسيملكون معه الف سنة ) ، لقد تحيرت الكنائس على مر العصور في تفسير هذا النص فقالوا ان المسيح انما ملك الف سنة منذ ان علق على الصليب فبدأت مملكته الروحية ، فيما ذهبت الكنائس الانجيلية الى التفسير الحرفي فقالوا ان حكم الألف سنة يجب ان ينطبق تماماً على ارض الواقع ، ولكن الحقيقة الفاصلة والقول الدامغ في قضية ملك المسيح بين الاتجاه المادي والروحي والتي اثارت جدلاً واسعاً بين الكنائس المسيحية على مر الأزمان ، هو الحل الوسط بين الطوائف المختلفة ، حيث ان ملك المسيح سيكون ملكاً مادياً له الاثر الملموس على ارض الواقع ويدوم زماناً طويلاً لألف سنةٍ كما شهد الكتاب، وفي ذات الوقت تكون المملكة مؤيدةً روحياً من خلال عودة ارواح جميع الانبياء والمقدسين في زمان المجيء الثاني لتؤيد وتساند المسيح له المجد ورسله المختارين الذين يرسلهم للعالم ليكونوا حكاماً ارضيين ومن وراءهم ارواح الانبياء ، وكما عاد ايليا النبي في زمان يسوع له المجد في المجيء الأول ليؤيد يوحنا ويسير معه يتكرر ذات الموضوع في المجيء الثاني لتكون ارواح الانبياء التي حلمت بإقامة مملكة الآب حاضرةً وشاهدةً على ارقى لحظات البشرية وارفع مستويات العدل الإنساني .
بعد ان تتم مملكة الرب العادلة على الارض يقيد الشيطان الف سنة كما شهد بذلك الكتاب المقدس في سفر الرؤيا فلا سبيل له لإغواء الإنسان الذي تكامل مع مجيء المسيح الى اعلى الدرجات حيث ورد في السفر المقدس ما نصه (رأيت ملاكا نازلا من السماء معه مفتاح الهاوية وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو ابليس والشيطان وقيده الف سنة وطرحه في الهاوية واغلق عليه وختم عليه لكي لا يضل الامم في ما بعد حتى تتم الالف سنة وبعد ذلك لا بد ان يحل زمانا يسيرا )  فاذا حل الشيطان ينتهي امد المملكة العادلة التي ابهرت العالم بهاءً وجمالاً ويبدأ عصر جديد يعقب الالف سنةٍ السعيدة تلك من عمر الأرض والكون بأسره ليبدأ العصر الأخير وتعقبها الدينونة الكبرى .
من فكر المسيح العائد



0 التعليقات: